الأحد، 23 سبتمبر 2012

معذرة يارسول الله


                                معذرة يارسول الله

إنَّ الحياة البشريَّة تسير بنظام دقيق، كما يسير أيُّ كوكب وجِرْم في هذا الكون الفسيح المتقن البديع، وكما أنَّ لهذا الكون قانونًا يحكم حركتَه وينظم سيره، فللإنْسان قانونٌ يحكم سيره وحركته

من أجل ذلك أرسل الله الرُّسُل ليبيِّنوا للنَّاس هذا القانون الَّذي يحكم سير حياة الإنسان
وقد بيَّن الله - سبحانه وتعالى - على لسان رسُله النِّظام الذي يحكم سير هذا الجهاز العجيب، وذلك النظام هو السنن التي تسير بها حياة البشر، والمصلحون هم المبيِّنون لذلك القانون، وبيانُهم له هو صمام أمان المجتمعات من الانحِراف المؤذِن بزوال الأمم والمجتمعات؛ قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} وتلك سنَّة من سنن الله الماضية في خلقه؛ ومن أجلها لم يعاجِل قريشًا، ومَن على شاكلتها في الكفر والتَّكذيب - بالعقوبة حين سألوا ذلك واستعجلوه {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ َ} هؤلاء قد جأروا إلى الله - عزَّ وجلَّ - أن يُعاجِلهم بالعقوبة إن كان هذا القُرآن من عندِه حقًّا، فلم يُعاجِلهم بالعقوبة، وهو الَّذي أنزل هذا الكِتاب على عبدِه وشهِد له بأنَّه حق وصِدق{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّك لرَسُولُهُ}
نعم، لم يُعاجلهم بالعقوبة لسنَّته الماضية: أن لا يهلك أمَّة فيها مَن يدْعو إلى الإصلاح(المتمثلين بالانبياء والاوصياء والصالحون) ومَن يتأثَّر فيُذْعن للحق ويستغفِر {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ  فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}  فمع أنَّ هؤلاء قد جَمعوا القبائح المستوْجِبة للأخذ والعقوبة {وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ المُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}لَم يعاجِلهم الله بالعقوبة لوجود المصْلِح، ومن يتأثَّر بإصْلاحه، أمَّا حين تستسلِم الأمم والمجتمعات للظُّلْم والفساد، ولم يعد فيها مَن يتجرَّأ أن يقول للظَّالم ظَلَمْت، ويقول للفاسد أفسدت  فإنَّها تكون قد آذنت بزوالها.

وفي زماننا هذا حيث المفاسد والظلم والطغيان والتجرأ على حرمات الله ومقدساته واعظم تلك المقدسات وعلى رأسها مقام رسول الله الخاتم لرسله ورسالاته السماوية يتجرأ عليه وكأنه شخص من الرعاع يصفونه مزواجا زيرا للنساء وهو الذي لم يتزوج باكرا قط في حياته سوى أم المؤمنين عائشه ويقولون عنه صنع مجده بالسيف والقتل وهو الذي لم يقاتل قط إلا بأذن الله تعالى ودفاعا عن الدين الحنيف (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير) لقد كانت سيرته صلى الله عليه وآله في رعيته ومن كانوا في معيته من الموالي وأهل الذمة رحمة ورأفة وخلق كريم وكانوا في دولته العادله مواطنون لهم من الحقوق مثل ماعليهم من الواجبات لافرق بين مسلم وغير مسلم واليوم وبعد أكثر من اربعة عشر قرنا من الزمان يأتي مسخ ينعته بالظلم والقتل أي تجني على الله ورسالاته وهو الذي يصفه بكتابه العزيز(وإنك لعلى خلق عظيم) والسؤال ما الذي يجعل الله سبحانه وتعالى أن لاينزل البلاء على من ظلم رسوله الكريم وحبيبه ؟؟وأن لا يعاجله بالعقوبة أو على أقل التقادير أن ينزل سخطه وعذابه بعد الإعذار والإنذار كما فعل بالأمم السابقه (وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون) .وجواب ذلك في آية من آيات القرآن الكريم (وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين) نعم إنه رحمة وليس نقمه وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه رأى جنازة ليهودي فبكى فقيل مايبكيك يارسول الله ؟؟قال نفس افلتت مني الى النار هكذا كان رسولنا الكريم صاحب قلب رحيم للخلق أجمعين.فمعذرة معذرة يارسول الله إنها الجاهلية من جديد وقريش قد كشرت عن انيابها بلباس الحضارة وحرية الرأي الزائفتين ظلموك ياسيدي بحقدهم وظلمناك بتخاذلنا لكننا ياسيدي لازلنا نطمع بشفاعتك يوم لاينفع مال ولابنون.

الأحد، 2 سبتمبر 2012

بمناسبة العام الدراسي الجديد.... دار دور

                          
             
التعليم في العالم عموما والعراق خصوصا مر بمراحل عدة منذ البدايات الأولى لاختراع الكتابة وترجمتها نقوشا على جدران الكهوف أوطبعها على ألواح الطين  خطا مسماريا وقصب البردي بالخط الهيروغليفي مرورا باكتشاف الورق وأنواعه العديدة والتفنن بأنواع الخطوط  الفنية الجميلة وانتهاءا بشاشات الحواسيب الألكترونية وتقنياتها الساحره  ورغم أن العراق صاحب أول بادره لاكتشاف الحرف الأبجدي الا ان أبنائه لم يحضوا الا بالنزر المتواضع من أساليب التعليم الحديثة التي دأبت كل دول العالم المتقدمة وحتى النامية منها برفد دور العلم والدراسة بتلك الأساليب  المتجددة للإرتقاء بتلاميذها في ميادين المعرفة والبحث العلمي ليصنعوا من أنصاف المواهب مخترعين وعلماء ومبدعين ينمون افكارهم ويطورونها داعمين تلك المواهب والأفكار الواعدة بكل وسائل الدعم المادي والمعنوي والتسهيلات الهائلة تشبه الى حد كبير تلك التسهيلات التي يوفرها مصرف الاسكان في بلدنا العزيز لأصحاب الدخل المحدود والذين يرغبون ببناء دارا للسكن كدار القراءة الخلدونية التي أكل عليها الزمان وشرب حتى كاد يسقط سقفه المشيد من الشيلمان والطابوق الجمهوري منذ أكثر من ثمانين عاما على رؤوس تلاميذنا المساكين الذين تعودوا نطق حروفه على ظهر القلب غاضين الطرف عن (ناره) التي حرمتهم حرارتها من الالتحاق بركب الأساليب المعاصرة ووسائل الايضاح المتقدمة  وحجزتهم  عن (نور)العلم والتقنيات الحديثة يئنون تحت وطأة مطرقة الرتابة وسندان المزاجية بسبب تردي الحالة النفسية لمعلمهم المسكين الذي لازال يعاني من تراكمات الماضي القريب وغول المعيشة الذي يذبحه يوميا بسكين ارتفاع الأسعارالمجنون لتتوسع بذلك الفجوة الحضارية  بيننا وبين من سبقناهم بحضارة عمرها 7000 آلاف سنة ولازلنا نجتر بماضينا العتيد ولسان حالنا يقول رحم الله ساطع الحصري (مؤلف القراءة الخلدونية) لو كان يعلم أن داره ستعمر هذه العقود لماجعلها وقفا لوزارة المعارف العراقية ولتركها لورثته يسكنوها أو يستفادون من بدل إيجارها الذي قد يساوي اليوم راتبه التقاعدي لأكثر من تلك العقود الثمانيه أو ربما هدموا تلك الـ (دار) وجعلوها(دور) لهم ولحفدتهم.